kingdomlove ®مراقبة عامة®
تاريخ التسجيل : 30/05/2010 المشاركات : 4972 معدل تقييم المستوى : 5938 الاوسمة :
| موضوع: اول حديث لام رامى فى مجله لها الجمعة أغسطس 06, 2010 3:59 am | |
| ادعي لها كي تظل بكامل وعيها وادراكها العقلي... همست لي جدة رامي لدى انتظاري في ردهة المنزل المحزون العابقة برائحة السجائر. في زاوية الردهة صورة لرامي يضحك، وقد انعكس نور شمعة اضيئت امام الصورة، نورا اضافيا في عينيه. في الزاوية المقابلة، صورة لوالد رامي المتوفي، عمرها من عمر غيابه، عشر سنوات. أكل الوقت الكثير من بريقها، فلم تقدر الشمعة التي اضيئت امامها على منح لونها الرمادي حياة. الحزن يثقل الأجواء، فيفرض صمتا يتربع في حنجرتك. تغصّ. كأنك ابتلعت تنيناً، أو كأنك في كابوس، تصرخ في فراغ ويخونك صوتك... بأيّ كلمات يمكنك أن تعزّي أماً مفجوعة بولدها البكر؟ أي سؤال صحافي آمن يمكنك أن تطرحه عليها من دون ان يعيد فتح جراح لم تندمل اصلا؟
هذه ماما، همس ناجي شقيق رامي، معلنا وصول أمه. فوجدتني امام امرأة في العقد الرابع من العمر، نحيلة، واهنة، شاحبة اللون وقد زادها الحزن شحوبا. منحنية الى الامام، تحضن وسادة رسمت عليها صورة رامي، يضحك... في يدها محرمة بيضاء، تحسبا لنوبة بكاء جديدة
ماما، هل اخذت حبة الدواء؟ سأل ناجي فالأم المحزونة غير قادرة على مواجهة نهارها ولا ليلها من دون المهدئات أومأت له أن نعم. قبّلتني، وجلست في المقعد المقابل. مرت دقائق من صمت هي الأطول في حياتي، كانت فيها الدموع لغة الحوار الوحيدة بيننا
جئت احدثك عن رامي، فهلا شاركتني الحديث؟ راح رامي!!!! راح حلم حياتي. رجل البيت الصغير. شعلة الذكاء المنيرة. راح قبل ان احتفل بتخرجه ونجاحه. ربيته بدموع العينين. عشر سنوات مضت على غياب زوجي. عشر سنوات، كنت فيها الأب والأم لأولادي الثلاثة. لم أتذمر يوما. لم اترك التعب ينال مني. فقط كنت ادعو الى الله ان يساعدني كي اكمل تعليم اولادي فيتخرجوا من جامعاتهم، ويفرح قلبي برؤيتهم قادرين على الاعتماد على انفسهم، متسلحين بالعلم والايمان الكبير الذي ربيتهم عليه. فالايمان ركيزة هذا البيت... نحن عائلة مؤمنة، ولم نتجاوز المحن التي تجاوزناها معا الا بفضل ربنا وايماننا الكبير. يؤلمني كثيرا انني فقدت القدرة على التركيز على الصلاة. ادخل الكنيسة، اجلس على المقعد الخشبي، وابكي. لا اتفوة بصلاة واحدة. وعندما يتعبني البكاء اعود الى المنزل
هل عارضت سفر رامي الى مصر لزيارة محمود؟ كلا، لم اعارضه، لايمكنني ان اعارض شيئا يقرره رامي، لانه لم يعودني الا على القرارات الصائبة. كان رامي ابنا بارا مهذبا عاقلا يدرس كل خطوة ينوي الاقدام عليها بتأن. لم يجبرني يوما على توبيخه او توجيه الانتقادات اليه. وعندما قال انه يريد ان يلبي دعوة محمود لزيارته في مصر، لم اقف في طريقه، خصوصا انه لم يغادر لبنان يوما، لا بل انه لا يعرف كل المناطق في لبنان. ابني شاب بيتوتي وما شجعني اكثر انني عرفت محمود عن كثب فقد عاش مدة شهر كامل في بيتنا، بعد خروجه من الاكاديمية. وكان لي بمثابة ابن، وعاملته مثلما اعامل اولادي الثلاثة. بيننا وبين محمود خبز وملح... وهو شاب دمث الاخلاق وطيب القلب. صدقيني انني لو عرفت ان ابني كان يسافر ليلاقي حتفه في مصر لمنعته بالتاكيد! ولكن من اين لي ان اعرف؟ عجّل الموت في حصاد رامي وقد فتحت له كل الابواب للسفر الى مصر وسهّلت السفارة المصرية مشكورة، حصوله على الفيزا خلال ساعة واحدة
أي حوار دار بينكما قبل ان يسافر؟ ودعت رامي، احتضنته وقبّلته. ثم ندهت له واحتضنته من جديد وقبّلته. فقال لي ممازحا: لماذا تودعينني على هذا النحو، كأنني مسافر الى غير رجعة؟ فنهرته قائلة: لا تقل هذا! تعرف انك وشقيقيك نقطة ضعفي، واذا اصاب أيّا منكم مكروه لا سمح الله قد اموت. هذا كان ما دار بيننا من حوار
كيف تلقيت خبر موت رامي؟ اتصل بي والد محمود في اليوم التالي لموت ابني، وقال لي: رامي مات في حادث سير وهو كان من يقود السيارة. لماذا التأخر في اطلاعنا على موت ولدي؟ لماذا هذه التهمة لترافق خبر اعلان موته؟ ألم يكن بإمكان والد محمود ان يخبرني بطريقة انسانية لا يتهم فيها ابني زورا؟ كيف لرامي ان يقود سيارة في مصر وهو لا يقود سيارة في لبنان؟ رامي لا يجيد القيادة وهو ليس شابا متهورا كي يقود سيارة لا يملكها في طرق مدينة لا يعرفها. كل رفاقه واقاربه في لبنان كانوا يطلبون منه ان يقود سياراتهم لكنه كان يرفض بقوة هذه تهمة زور لابني سأثبت عدم صحتها ولو بقي من عمري يوم واحد! لن اسكت على تلويث سمعة ابني
ماذا عن ذاك الحلم الذي الذي كان يراوده عن موته في حادث سير مروع؟ في الحلم، رامي كان جالسا في سيارة ويقودها آخر، فتصطدم السيارة ويقع في هاوية. كأن بإصرار رامي على اخبارنا الحلم مرارا وتكرارا، شهادة تبرئة سابقة لموته واتهامه زورا كان يعرف ميتته لطالما ردد امامي انه سيموت شابا مثل والده، لكنه بكّر في الرحيل، فرحل في عز شبابه اصغر بسنوات عدة من والده عندما فارق الحياة
ماذا تقولين اليوم لمحمود وعائلته؟ لعائلة محمود اقول: سامحكم الله... وادعو لمحمود بالشفاء العاجل واقول له: اذا كنت تحفظ لرامي ذرة من الصداقة التي جمعتكما والاخوة التي اختبرتها واياه تحت سقف واحد، قف وقل الحقيقة كاملة وعلى الملأ فأنت اكثر من يعرف ان رامي لم يكن يقود السيارة وارفع عنه الظلم الذي لحق به حتى القبر
هل كنت من مشجعي رامي على خوض تجربة ستاراكاديمي؟ لم يعلمني رامي بنيته خوض تجربة ستار اكاديمي الا بعد قبوله بين الطلبة المختارين. وقد قلت له حينها: يا ابني اجواء الفن ليست لنا، فقال لي: ماما لا تخافي فأنت تعرفين جيدا ولدك والتربية التي اعطيته اياها. لن تغيرني الشهرة ولن تجرفني الى اماكن بعيدة عن اجواء بيتنا. لدي شهادتي من كلية الزراعة وهي الركيزة الاولى التي ساعتمد عليها في هذه الحياة. عندما عرفت مدى واقعية ابني ورفضه الركض وراء اوهام، وافقت
هل غيرته مشاركته ب ستاراكاديمي؟ كلا لم تغيره قيد انملة. فهو ما ان خرج من الاكاديمية واستقبل استقبال الابطال في بلدته سهيلة حتى قال لنا: قبل ان ادخل البيت اريد ان ازور الكنيسة التي ترعرعت فيها
ماذا قال لك بعد خروجه من الاكاديمية؟ بعد خروجه من الاكاديمية كان رامي يتلقى عروضا عدة لبدء مشاريعه الفنية فجائني قائلا: هانت يا ماما. قريبا ابدأ بالعمل واجني المال واساعدك في المصروف كان رامي يقدر تضحيتي من اجل عائلتي ويحمل همي علما انني لم اتذمر يوما امامه ولا امام شقيقيه
أخيرا ماذا تقولين لرامي؟ تجهش بالبكاء اقول لرامي احبك اكثر من عمري ولو رجع فيّ الزمن الى الوراء لمنعتك من دخول ستاراكاديمي وحميتك من ذاك الموت المتربص. انت تعرف مدي حبي لك وحبي هذا لن يخفت مع الوقت ولن يتغير. كنوز العالم كله لا تعوضني غيابك
انتهى الحديث المتقطع ببكاء كثيف... ولم ينته الحزن~!!
| |
|
SEREN ASEF •المراقب الاداري•
تاريخ التسجيل : 03/03/2010 المشاركات : 13399 معدل تقييم المستوى : 15389 الاوسمة :
| موضوع: رد: اول حديث لام رامى فى مجله لها الجمعة أغسطس 06, 2010 6:39 am | |
| | |
|